كلام الناس 

إرضاء الناس غاية لا تدرك، وإرضاء الله غاية لا تترك، أتساءلُ، لماذا نهتم بحياة الآخرين وآرائهم؟ ولماذا ننساق وراء أفكارهم ونجعل دربهم منهاجا لحياتنا؟! نرى الكثير من الأشخاص يهتمون بآراء الناس، فهل لأن رأي الآخرين مهم وهو مرآة حقيقية للواقع، أم أننا اعتدنا أن نكون مقودين ولا قيمة لعقلنا؟! 

متى دفعتنا رغبتنا لاتخاذ قرار فأوّل ما يخطر ببالنا هو مدى قناعة الناس وقولهم، وهنا تكمن الكارثة؛ لأنك جعلت الناس نَصب عينك مما يترتب عليه عدم الثقة بالنفس والعيش داخل إطار إرضاء الآخرين؛ فكل يرى بعين قلبه وأحيانا بعين بصره، وكلاهما لن يفيدني. أحيانا يزداد الشغف برأي الناس لدرجة أننا نتمنى أن وافقنا الناس في قرارتنا الأمر الذي يؤدي إلى (رهاب اللودوكسافوبيا) وهو الخوف من رأي الآخرين، وإن لم يكن مرضاً عقليا فهو يؤدي إلى صعوبة اتخاذ قراراتنا بمفردنا.   

نحن البشر قد نتصف بحب النفس، ولكن دائما ما يتغلب علينا الخوف من كلام الآخرين ومن اختلافهم عنا، وفي الحقيقة أنّ هذا مبالغ فيه ولا يستحق أن نقلق بشأنه، وفي بعض الأحيان قد تهمك آراء الآخرين بسبب تماثل آرائهم وآرائك، مما ينتج عنه الثقة برأيهم حتى وإن كانت خاطئة، ونتيجة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي قد ازداد الخوف من آراء الناس بسبب قدرتهم على نشر ما يريدونه بحرية. إنّ الخوف من آراء الآخرين هو شيء طبيعي، ولكن هذا لا يعني أنّه شيء حتمي، ولا يعني أن نتجاهل الناس، ولكن يجب علينا أن نقلل من هذا الخوف، وكما قال أحد الحكماء أنّه “كلما أهمك آراء الآخرين، أصبحت سجينا لهم”.  

ومن هنا يجب أن نتغلب على هذا الخوف بطرق مختلفة: 

 أولا: التذكر أن قرارانا يمثل مصيرنا فقط وليس مصير أحد. ثانيا: تقليل عدد المرات التي تقارن بها نفسك بالآخرين زليحتفل كل منا بتميزه فاختلافنا يكمل هذه الحياة. ثالثا: التدريب على القرارات المناسبة لك دون الانشغال بالناس، فاحترام رغباتك هو الأفضل للتغلب على الخوف. رابعا: اختيار الصحبة الصالحة والابتعاد عن المتسلطين بحياتنا، وَتَرْكُ معنى الكمال في حياتك؛ فلا أحد يتصف بالكمال، وهذا شيء مهم لنتذكره عن البشر. خامسا: اتخاذ بعض الراحة من وسائل التواصل الاجتماعي؛ فوسائل التواصل تسبب ضغوطات في حياة الناس.  

وفي الختام، لا تدع آراء الآخرين تُوَجِّه مصير حياتك، فقد تندم بما اتخذته في حياتك بدون تحقيق رغباتك. فالحياة قصيرة والفَطِنُ من يستثمر كل دقيقة من حياته بأسلوبه وقراراته الخاصة. ولتعلمْ أنّ البشر ليسوا مصدر سعادتك في الحياة، فلا تدع هذا الخوف يتغلب عليك.      

                                                                                                                                                                                                 

بقلم الكاتبة:  

11 H – سما اسامة